وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ ﴾
الدابر الآخر ؛ يُقال : دَبَر القومَ يَدْبِرُهم دَبْراً إذا كان آخرهم في المجيء.
وفي الحديث عن عبد الله بن مسعود :" من الناس من لا يأتي الصَّلاة إلاَّ دبريّاً " أي في آخر الوقت ؛ والمعنى هنا قطع خلفهم من نسلهم وغيّرهم فلم تبق لهم باقية.
قال قُطْرُب : يعني أنهم استؤصلوا وأهلكوا.
قال أُميّة بن أبي الصَّلْت :
فأهلِكُوا بعذابٍ حَصَّ دابَرَهم...
فما استطاعوا له صَرْفاً ولا انتصروا
ومنه التدبير لأنه إحكام عواقب الأُمور.
﴿ والحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ قيل : على إهلاكهم، وقيل : تعليم للمؤمنين كيف يحمدونه.
وتضمنت هذه الآية الحجة على وجوب ترك الظلم ؛ لما يعقِب من قطع الدابر، إلى العذاب الدائم، مع استحقاق القاطع الحمدَ من كل حامد. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فقطع دابر القوم الذين ظلموا ﴾ عبارة عن استئصالهم بالهلاك والمعنى : فقطع دابرهم ونبه على سبب الاستئصال بذكر الوصف الذي هو الظلم، وهو هنا الكفر والدابر التابع للشيء من خلفه يقال : دبر الوالد الولد يدبره، وفلان دبر القوم دبوراً ودبراً إذا كان آخرهم.
وقال أمية بن أبي الصلت :
فاستؤصلوا بعذاب خص دابرهم...
فما استطاعوا له صرفاً ولا انتصروا
قال أبو عبيدة :﴿ دابر القوم ﴾ آخرهم الذي يدبرهم.
وقال الأصمعي : الدابر الأصل يقال : قطع الله دابره أي أذهب أصله، وقرأ عكرمة ﴿ فقطع دابر ﴾ بفتح القاف والطاء والراء أي فقطع الله وهو التفات إذ فيه الخروج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب.
﴿ والحمد لله رب العالمين ﴾ قال الزمخشري : إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة وأنه من أجل النعم وأجزل القسم ؛ انتهى.


الصفحة التالية
Icon