ولما بلغت هذه الآيات - من الإبلاغ في البيان في وحدانيته وبطلان كل معبود سواه - أعلى المقامات، نبه على أنه على ذلك، بالأمر بالنظر فيها وفي حالهم بعدها، دالاً على ما تقدم من أن المقترحات لا تنفع من أراد سبحانه شقاوته فقال :﴿انظر كيف نصرف﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿الآيات﴾ أي نوحيها لهم ولغيرهم في كل وجه من وجوه البيان بالغ من الإحسان ما يأخذ بالعقول ويدهش الألباب، ويكون كافياً في الإيصال إلى المطلوب ؛ ولما كان الإعراض عن مثل هذا في غاية البعد عبر بأداة التراخي فقال :﴿ثم هم﴾ أي بعد هذا البيان بصميم ضمائرهم ﴿يصدفون﴾ أي يعرضون إعراضاً لازماً لهم لزوم الصفة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٣٨﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن المقصود من هذا الكلام ذكر ما يدل على وجود الصانع الحكيم المختار، وتقريره أن أشرف أعضاء الإنسان هو السمع والبصر والقلب فالأذن محل القوة السامعة والعين محل القوة الباصرة، والقلب محل الحياة والعقل والعلم.
فلو زالت هذه الصفات عن هذه الأعضاء اختل أمر الإنسان وبطلت مصالحه في الدنيا وفي الدين.
ومن المعلوم بالضرورة أن القادر على تحصيل هذه القوى فيها وصونها عن الآفات والمخافات ليس إلا الله.
وإذا كان الأمر كذلك، كان المنعم بهذه النعم العالية والخيرات الرفيعة هو الله سبحانه وتعالى فوجب أن يقال المستحق للتعظيم والثناء والعبودية ليس إلا الله تعالى وذلك يدل على أن عبادة الأصنام طريقة باطلة فاسدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾
فصل
قال الفخر :
ذكروا في قوله ﴿وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ﴾ وجوهاً :
الأول : قال ابن عباس : معناه وطبع على قلوبهم فلم يعقلوا الهدى.
الثاني : معناه وأزال عقولكم حتى تصيروا كالمجانين.
والثالث : المراد بهذا الختم الاماتة أي يميت قلوبكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨٨﴾