وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ ﴾ يا محمد على سبيل التبكيت والإلزام أيضاً ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وأبصاركم ﴾ أي أصمكم وأعماكم فأخذهما مجاز عما ذكر لأنه لازم له، والاستدلال بالآية على بقاء العرض زمانين محل نظر.
﴿ وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ ﴾ بأن غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقل وفهم أصلاً.
وقيل : يجوز أن يكون الختم عطفاً تفسيرياً للأخذ فإن البصر والسمع طريقان للقلب منهما يرد ما يرده من المدركات فأخذهما سد لبابه بالكلية وهو السر في تقديم أخذهما على الختم عليها.
واعترض بأن من المدركات ما لا يتوقف على السمع والبصر، ولهذا قال غير واحد بوجوب الإيمان بالله تعالى على من ولد أعمى أصم وبلغ سن التكليف، وقيل : في التقديم إنه من باب تقديم ما يتعلق بالظاهر على ما يتعلق بالباطن.
ووجه تقديم السمع وإفراده قد تقدمت الإشارة إليه.
﴿ مَّنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾ أي بذلك على أن الضمير مستعار لاسم الإشارة المفرد لأنه الذي كثر في الاستعمال التعبير به عن أشياء عدة وأما الضمير المفرد فقد قيل فيه ذلك.
ونقل عن الزجاج أن الضمير راجع إلى المأخوذ والمختوم عليه في ضمن ما مر أي المسلوب منكم أو راجع إلى السمع وما بعده داخل معه في القصد ولا يخفى بعده.
وجوز أن يكون راجعاً إلى أحد هذه المذكورات، و﴿ مِنْ ﴾ مبتدأ و﴿ إِلَهٍ ﴾ خبره و﴿ غَيْرِ ﴾ صفة للخبر و﴿ يَأْتِيَكُمُ ﴾ صفة أخرى، والجملة كما قال غير واحد متعلق الرؤية ومناط الاستخبار أي أخبروني إن سلب الله تعالى مشاعركم من إله غيره سبحانه يأتيكم به وترك كاف الخطاب هنا قيل : لأن التخويف فيه أخف مما تقدم ومما يأتي.
وقيل : اكتفاء بالسابق واللاحق لتوسط هذه الخطاب بينهما، وقيل : لما كان هذا العذاب مما لا يبقى القوم معه أهلاً للخطاب حذفت كافه إيماء لذلك ورعاية لمناسبة خفية.
﴿ انظر كَيْفَ نُصَرّفُ الآيات ﴾ أي نكررها على أنهار مختلفة، ومنه تصريف الرياح.


الصفحة التالية
Icon