وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول البشير النذير للكفرة الذين يقترحون عليك ما يقترحون :﴿ لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ الله ﴾ أي مقدوراته جمع خزينة أو خزانة وهي في الأصل ما يحفظ فيه الأشياء النفيسة تجوز فيها عما ذكر، وعلى ذلك الجبائي وغيره، ولم يقل : لا أقدر على ما يقدر عليه الله قيل : لأنه أبلغ لدلالته على أنه لقوة قدرته كأن مقدوراته مخزونة حاضرة عنده، وقيل : إن الخزائن مجاز عن المرزوقات من إطلاق المحل على الحال أو اللازم على الملزوم ؛ وقيل : الكلام على حذف مضاف أي خزائن رزق الله تعالى أو مقدوراته، والمعنى لا أدعي أن هاتيك الخزائن مفوضة إليَّ أتصرف فيها كيفما أشاء استقلالاً أو استدعاء حتى تقترحوا عليَّ تنزيل الآيات أو إنزال العذاب أو قلب الجبال ذهباً أو غير ذلك مما لا يليق بشأني.
﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ عطف على محل ﴿ عِندِى خَزَائِنُ الله ﴾ فهو مقول ﴿ أَقُولُ ﴾ أيضاً، ونظر فيه الحلبي من حيث إنه يؤدي إلى أن يصير التقدير ولا أقول لكم لا أعلم الغيب وليس بصحيح.
وأجيب بأن التقدير ولا أقول لكم أعلم الغيب بإضماء القول بين ﴿ لا ﴾ و﴿ أَعْلَمُ ﴾ لا بين الواو و﴿ لا ﴾، وقيل :( لا ) في ﴿ لا أَعْلَمُ ﴾ مزيدة مؤكدة للنفي.
وقال أبو حيان :"الظاهر أنه عطف على ﴿ لا أَقُولَ ﴾ لا معمول له فهو أمر أن يخبر عن نفسه بهذه الجمل ( الثلاث ) فهي معمولة للأمر الذي هو ﴿ قُلْ ﴾ "، وتعقب بأنه لا فائدة في الإخبار بأني لا أعلم الغيب وإنما الفائدة في الإخبار بأني لا أقول ذلك ليكون نفيا لا دعاء الأمرين اللذين هما من خواص الإلهية ليكون المعنى إني لا أدعي الإلهية.
﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنّى مَلَكٌ ﴾ ولا أدعي الملكية، ويكون تكرير ﴿ لا أَقُولَ ﴾ إشارة إلى هذا المعنى.
وقال بعض المحققين : إن مفهومي ﴿ عِندِى خَزَائِنُ الله ﴾.


الصفحة التالية
Icon