قوله تعالى ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ﴾

فصل


قال الفخر :
قوله ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ﴾ ظاهره يدل على أنه لا يعمل إلا بالوحي وهو يدل على حكمين.
الحكم الأول
أن هذا النص يدل على أنه ﷺ لم يكن يحكم من تلقاء نفسه في شيء من الأحكام وأنه ما كان يجتهد بل جميع أحكامه صادرة عن الوحي، ويتأكد هذا بقوله ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يوحى﴾ [ النجم : ٣، ٤ ].
الحكم الثاني
إن نفاة القياس قالوا : ثبت بهذا النص أنه عليه السلام ما كان يعمل إلا بالوحي النازل عليه فوجب أن لا يجوز لأحد من أمته أن يعملوا إلا بالوحي النازل عليه، لقوله تعالى :﴿فاتبعوه﴾ [ سبأ : ٢٠ ] وذلك ينفي جواز العمل بالقياس، ثم أكد هذا الكلام بقوله ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأعمى والبصير﴾ وذلك لأن العمل بغير الوحي يجري مجرى عمل الأعمى والعمل بمقتضى نزول الوحي يجري مجرى عمل البصير.
ثم قال :﴿أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ﴾ والمراد منه التنبيه على أنه يجب على العاقل أن يعرف الفرق بين هذين البابين وأن لا يكون غافلاً عن معرفته، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٩١﴾
وقال الماوردى :
﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن أخبركم إلا بما أخبرني الله به.
والثاني : أن أفعل إلا ما أمرني الله به.
﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : الجاهل والعالم.
والثاني : الكافر والمؤمن.
﴿ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : فيما ضربه الله من مثل الأعمى والبصير.
الثاني : فيما بينه من آياته الدالة على توحيده وصدق رسوله. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon