وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَأَنذِرْ بِهِ ﴾ يعني : خوّف بالقرآن ﴿ الذين يَخَافُونَ ﴾ يعني : يعلمون ﴿ أَن يُحْشَرُواْ إلى رَبّهِمْ ﴾ في الآخرة.
وإنما خصّ بالإنذار الذين يعلمون وإن كان منذراً لجميع الخلق، لأن الحجة عليهم وجبت لاعترافهم بالمعاندة وهم أهل الكتاب كانوا يقرون بالبعث.
ويقال : هم المسلمون يعلمون أنهم يبعثون يوم القيامة ويؤمنون به. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
و﴿ أنذر ﴾ عطف على ﴿ قل ﴾، والنبي عليه السلام مأمور بإنذار جميع الخلائق، وإنما وقع التحضيض هنا بحسب المعنى الذي قصد، وذلك أن فيما تقدم من الآيات نوعاً من اليائس في الأغلب عن هؤلاء الكفرة الذين قد قال فيهم أيضاً ﴿ أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ﴾ [ البقرة : ٦، يس : ١٠ ] فكأنه قيل له هنا : قل لهؤلاء الكفرة المعرضين كذا ودعهم ورأيهم لأنفسهم وأنذر بالقرآن هؤلاء الآخرين الذين هم مظنة الإيمان وأهل للانتفاع، ولم يرد أنه لا ينذر سواهم، بل الإنذار العام ثابت مستقر، والضمير في ﴿ به ﴾ عائد على ﴿ ما يوحى ﴾ " ويخافون " على بابها في الخوف أي الذين يخافون ما تحققوه من أن يحشروا ويستعدون لذلك، ورب متحقق لشيء مخوف وهو لقلة النظر والحزم لا يخافه ولا يستعد له.


الصفحة التالية
Icon