وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ بَلْ إياه تَدْعُونَ ﴾ قال أهل اللغة : بل للاستدراك والإيجاب بعد النفي.
وإنما تستعمل في موضعين : أحدهما لتدارك الغلط، والثاني : لترك شيء وأخذ شيء آخر.
فهاهنا بيّن أنهم لا يدعون غير الله تعالى.
وإنما يدعون الله عنهم ليكشف عنهم العذاب.
﴿ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء ﴾ وإنما قرن بالاستثناء وبالمشيئة، لأن كشف العذاب فضل الله تعالى، وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.
ثم قال :﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾ يعني : تتركون دعاء الآلهة عند نزول الشدة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
وقوله تعالى :﴿ بَلْ إياه تَدْعُونَ ﴾ عطفٌ على جملة منفيةٍ ينْبىء عنها الجملةُ التي تعلقَ بها الاستخبارُ إنباءً جلياً كأنه قيل : لا غيرَه تعالى تدعون بل إياه تدعون وقوله تعالى ﴿ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ ﴾ أي إلى كشفه، عطفٌ على تدعون أي فيكشفه إثرَ دعائِكم، وقوله تعالى :﴿ إِن شَاء ﴾ أي إن شاء كشفَه لبيانِ أن قبولَ دعائِهم غيرُ مطَّردٍ، بل هو تابعٌ لمشيئته المبنيةِ على حِكَمٍ خفيةٍ قد استأثر الله تعالى بعلمها فقد يقبلُه كما في بعض دعواتهم المتعلقةِ بكشف العذاب الدنيوي، وقد لا يقبله كما في بعضٍ آخَرَ منها وفي جميع ما يتعلق بكشف العذابِ الأخرويِّ الذي من جملته الساعةُ. وقوله تعالى :﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾ أي تتركون ما تشركونه به تعالى من الأصنام تركاً كلياً. عطفٌ على تدعون أيضاً وتوسيطُ الكشفِ بينهما مع تقارنهما وتأخُرِ الكشف عنهما لإظهار كمال العنايةِ بشأن الكشفِ والإيذان بترتّبه على الدعاء خاصةً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon