على أن كرب طول الوقوف الذي يفارقونه نعيم بالنسبة إلى ما يلاقونه بعد وإن لم يعلموا ذلك قبل فالقوارع محيطة بهم في ذلك اليوم لا تفارقهم أصلاً وإنما ينتقلون فيها من شديد إلى أشد، فقول بعضهم إثر قول الزمخشري : فإن قوارع الساعة لا تكشف عن المشركين الأحسن عندي أن هول القيامة يكشف أيضاً ككرب الموقف إذا طال كما ورد في حديث الشفاعة العظمى إلا أن الزمخشري لم يذكره لأن المعتزلة قائلون بنفي الشفاعة وقد غفل عن هذا من اتبعه كلام خال عن التحقيق، والمعتزلة على ما في "مجمع البحار" لا ينفون الشفاعة في فصل القضاء وإنما ينكرون الشفاعة لأهل الكبائر والكفار في النجاة من النار.
هذا واختلف المفسرون في جواب الشرط الأول فقيل محذوف تقديره فمن تدعون، وقيل : وعليه أبو البقاء تقديره دعوتم الله تعالى، وقيل : إنه مذكور وهو أرأيتكم، وقيل : ونسب للرضي هو الجملة المتضمنة للاستفهام بعده وهو كالمتعين على بعض الأقوال، ورده الدماميني بأن الجملة كذلك لا تقع جواباً للشرط بدون فاء.
وبحث في ذلك الشهاب في "حواشيه على شرح الكافية" للرضي.
وقال أبو حيان وتبعه غير واحد : الذي أذهب إليه أن يكون الجواب محذوفاً لدلالة ﴿ أَرَأَيْتُكُم ﴾ [ الأنعام : ٤٠ ] عليه تقديره إن أتاكم عذاب الله تعالى فأخبروني عنه أتدعون غير الله تعالى لكشفه كما تقول : أخبرني عن زيد إن جاءك ما تصنع به فإن التقدير إن جاءك فأخبرني فحذف الجواب لدلالة أخبرني عليه.
ونظير ذلك أنت ظالم إن فعلت انتهى فافهم ولا تغفل.