وقوله تعالى :﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾ عطف على ﴿ تَدْعُونَ ﴾ والنسيان مجاز عن الترك كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أي تتركون ما تشركون به تعالى من الأصنام تركاً كلياً، وقيل : يحتمل أن يكون على حقيقته فإنهم لشدة الهول ينسون ذلك حقيقة، ولا يخطر لهم ببال ولا يلزم حينئذٍ أن ينسى الله تعالى لأن المعتاد في الشدائد أن يلهج بذكره تعالى وينسى ما سواه سبحانه، وقدم الكشف مع تأخره عن النسيان كتأخره عن الدعاء لإظهار كمال العناية بشأنه والإيذان بترتبه على الدعاء خاصة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
موقع ﴿ بَل إيّاه تدعون ﴾ عقب هذا الاستفهام موقع النتيجة للاستدلال.
فحرف ( بل ) لإبطال دعوة غير الله.
أي فأنا أجيب عنكم بأنّكم لا تدعون إلاّ الله.
ووجه تولّي الجواب عنهم من السائل نفسِه أنّ هذا الجواب لمّا كان لا يسع المسؤول إلاّ إقرارُه صحّ أن يتولّى السائل الجوابَ عنه، كما تقدّم في قوله تعالى :﴿ قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله ﴾ في هذه السورة [ ١٢ ].
وتقديم المفعول على تَدْعون } للقصر وهو قصر إفراد للردّ على المشركين في زعمهم أنّهم يدعون الله ويدعون أصنامهم، وهم وإن كانوا لم يزعموا ذلك في حاللِ ما إذا أتاهم عذاب الله أو أتتهم الساعة إلاّ أنّهم لمّا ادّعوه في غير تلك الحالة نزّلوا منزلة من يستصحب هذا الزعم في تلك الحالة أيضاً.
وقوله :﴿ فيكشف ﴾ عطف على ﴿ تدعون ﴾، وهذا إطماع في رحمة الله لعلّهم يتذكّرون.
ولأجل التعجيل به قدّم ﴿ وتنسوْن ما تشركون ﴾ وكان حقّه التأخير.
فهو شبيه بتعجيل المسرّة.
ومفعول :﴿ تدعون ﴾ محذوف وهو ضمير اسم الجلالة، أي ما تدعونه.
والضمير المجرور بِ ( إلى ) عائد على ﴿ ما ﴾ من قوله ﴿ ما تدعون ﴾ أي يكشف الذي تدعونه إلى كشفه.
وإنّما قيّد كشف الضرّ عنهم بالمشيئة لأنَّه إطماع لا وعد.