وعديّ فعل ﴿ تدعون ﴾ بحرف ( إلى ) لأنّ أصل الدعاء نداء فكأنّ المدعو مطلوب بالحضور إلى مكان اليأس.
ومفعول ﴿ شاء ﴾ محذوف على طريقة حذف مفعول فعل المشيئة الواقع شرطاً، كما تقدّم آنفاً.
وفي قوله :﴿ إن شاء ﴾ إشارة إلى مقابله، وهو إن لم يشأ لم يكشف، وذلك في عذاب الدنيا.
وأما إتيان الساعة فلا يُكشف إلاّ أن يراد بإتيانها ما يحصل معها من القوارع والمصائب من خسف وشبهه فيجوز كشفه عن بعض الناس.
وممَّا كشفه الله عنهم من عذاب الدنيا عذابُ الجوع الذي في قوله تعالى :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم إلى قوله إنّا كاشفوا العذاب قليلاً إنّكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون ﴾ [ الدخان : ١٠ ١٦ ] فُسّرت البطشة بيوم بدر.
وجملة :﴿ فيكشف ﴾ الخ معترضة بين المعطوفين.
وقوله :﴿ وتنسون ما تشركون ﴾ عطف على ﴿ إيّاه تدعون ﴾، أي فإنّكم في ذلك الوقت تنسون ما تشركون مع الله، وهو الأصنام.
وقوله :﴿ وتنسون ما تُشركون ﴾ يجوز أن يكون النسيان على حقيقته، أي تذهلون عن الأصنام لِمَا ترون من هول العذاب وما يقع في نفوسهم من أنّه مرسل عليهم من الله فتنشغل أذهانهم بالذي أرسل العذاب وينسون الأصنام التي اعتادوا أن يستشفعوا بها.
ويجوز أن يكون مجازاً في الترك والإعراض، أي وتعرضون عن الأصنام، إذ لعلَّهم يلهمون أن يستدلّون في تلك الساعة على أنّ غير الله لا يكشف عنهم من ذلك العذاب شيئاً، وإطلاق النسيان على الترك شائع في كلام العرب، كما في قوله تعالى :﴿ فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ﴾ [ الجاثية : ٣٤ ]، أي نهملكم كما أنكرتم لقاء الله هذا اليوم.
ومن قبيله قوله تعالى :﴿ الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾ [ الماعون : ٥ ].
وفي قوله :﴿ فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ﴾ دليل على أنّ الله تعالى قد يجيب دعوة الكافر في الدنيا تبعاً لإجراء نعم الله على الكفّار.