قال شهاب الدين : ليس التضمين مَقْصُوراً على الضرورة، وهو في القرآن أكثر من أن يُحْصَرَ، وقد تقدَّم منه جملة صَالِحَةٌ، وسيأتِي إن شاء الله - تعالى - مثلُهَا على أن قد يُقَال : تجويزُ أبي مُحَمَّدٍ عَوْدَ الضمير إلى الله - تعالى - مَحْمُولٌ على أن " إليه " مُتَعَلِّقٌ بـ " يكشف "، كما تقدَّم نَقْلُهُ عن أبي البقاءِ، وأن معناه يرفعه إليه، فلا يلزم المحذور المذكور، لولا أنه يُعَكِّرُ عليه تقديرُهُ بقوله :" تدعون فيه إليه "، فتقديره :" فيه " ظاهرة أنه يَزْعُمُ تعَلُّقَهُ بـ " تَدْعُون ".
قوله :" إنْ شَاءَ " جوابه مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ المعنى، ودلالة ما قبله عليه، أي : إنْ شَاءِ أن يَكْشِفَ كَشَفَ، وادِّعاءُ تقديم جوابِ الشرط هنا واضِحٌ لاقترانه بـ " الفاء " فهو أحْسَنُ من قولهم :" أنت ظالم إن فعلتط لكن يمنع من كونها جواباً هنا أنها سِبَبِيَّةٌ مرتبة، أي : أنها أفادت تَرتُّبَ الكَشْفِ عن الدعاء، وأن الدُّعَاءَ سَبَبٌ فيه، على أن لنا خِلاَفاً في " فاء " الجزاء : هل تفيد السَّبَبِيَّةَ أو لا؟
قوله :﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُون ﴾ الظاهر في " ما " أن تكون مَوْصُولَةَ اسمية، والمُرَادُ بها ما عُبِدَ مِنْ دون اللَّهِ مُطْلَقاً : العُقَلاَء وغيرهم، إلاّ أنه غَلَّبَ غيرا لعقلاء عليهم كقوله :﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات ﴾ [ النحل : ٤٩ ] والعائد محذوف، أي : ما تُشْرِكُونَهُ مع الله في العِبَادَةِ.
وقال الفارسيُّ :" الأصْلُ : وتَنْسَوءنَ دُعاءَ ما تشركون، فحذف المضاف ".
ويجوز أن تكون مَصْدرِيَّةً، وحينئذٍ لا تَحْتَاجُ إلى عائد عن الجمهور.


الصفحة التالية
Icon