وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾
في الكلام حذف يدل عليه الظاهر تقديره فكذبوا فأخذناهم، ومعناه لازمناهم وتابعناهم الشيء بعد الشيء، " البأساء " المصائب في الأموال، ﴿ والضراء ﴾ في الأبدان، هذا قول الأكثر، وقيل قد يوضع كل واحد بدل الآخر، ويؤدب الله تعالى عباده ﴿ بالبأساء والضراء ﴾ ومن هنالك أدب العباد نفوسهم بالبأساء في تفريق المال، والضراء في الحمل على البدن في جوع وعري، والترجي في " لعل " في هذا الموضع إنما هو على معتقد البشر لو رأى أحد ذلك لرجا تضرعهم بسببه، والتضرع التذلل والاستكانة، وفي المثل أن الحمى أضرعتني لك، ومعنى الآية توعد الكفار وضرب المثل لهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾ الآية
تسلية للنبيّ ﷺ، وفيه إضمار ؛ أي أرسلنا إلى أُممٍ مِن قبلك رسلاً، وفيه إضمار آخر يدل عليه الظاهر ؛ تقديره : فكذبوا فأخذناهم.
وهذه الآية متصلة بما قبل اتصال الحال بحال قريبة منها ؛ وذلك إن هؤلاء سلكوا في مخالفة نبيهم مسلك من كان قبلهم في مخالفة أنبيائهم، فكانوا بعرض أن ينزِل بهم من البلاء ما نزل بمن كان قبلهم.
ومعنى ﴿ بالبأسآء ﴾ بالمصائب في الأموال ﴿ والضرآء ﴾ في الأبدان ؛ هذا قول الأكثر، وقد يوضع كل واحد منهما موضع الآخر ؛ ويؤدّب الله عباده بالبأساء والضراء وبما شاء ﴿ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾.
قال ابن عطية : استدل العُبَّادُ في تأديب أنفسهم بالبأساء في تفريق الأموال، والضراء في الحمل على الأبدان بالجوع والعُري بهذه الآية.