والمعنى أنّ الله أعلم بالشاكرين من عباده فلذلك منّ على الذين أشاروا إليه بقولهم :﴿ أهؤلاء مَنّ الله عليهم ﴾ بمنَّة الإيمان والتوفيق.
ومعنى علمه تعالى بالشاكرين أنَّه أعلم بالذين جاءوا إلى الرسول ﷺ مستجيبين لدعوته بقريحة طالبين النجاة من الكفر راغبين في حسن العاقبة، فهو يلطف بهم ويسهِّل لهم الإيمان ويحبِّبه إليهم ويزيّنه في قلوبهم ويزيدهم يوماً فيوماً تمكّناً منه وتوفيقاً وصلاحاً، فهو أعلم بقلوبهم وصدقهم من الناس الذين يحسبون أنّ رثاثة حال بعض المؤمنين تطابق حالة قلوبهم في الإيمان فيأخذون الناس ببزّاتهم دون نيَّاتهم.
فهذا التذييل ناظر إلى قوله :﴿ إنّما يستجيب الذين يسمعون ﴾ [ الأنعام : ٣٦ ].
وقد عُلم من قوله :﴿ أليس الله بأعلم بالشاكرين ﴾ أنَّه أيضاً أعلم بأضدادهم.
ضدّ الشكر هو الكفر، كما قال تعالى :﴿ لئن شكرتم لأزيدنَّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ﴾ [ إبراهيم : ٧ ] فهو أعلم بالذين يأتون الرسول عليه الصلاة والسلام مستهزئين متكبِّرين لا هَمّ لهم إلاّ تحقير الإسلام والمسلمين، وقد استفرغوا وسعهم ولبّهم في مجادلة الرسول ﷺ وتضليل الدهماء في حقيقة الدين.
ففي الكلام تعريض بالمشركين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon