وجوابه أن قوله ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [ الإخلاص : ١ ] يقتضي الوجدانية التامة، وذلك ينافي التركيب من الأعضاء والأجزاء، فثبت أنه لا بدّ من التأويل، وهو من وجهين : الأول : قوله ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ المعنى يريدونه إلا أنهم يذكرون لفظ الوجه للتعظيم، كما يقال هذا وجه الرأي وهذا وجه الدليل، والثاني : أن من أحب ذاتاً أحب أن يرى وجهه، فرؤية الوجه من لوازم المحبة، فلهذا السبب جعل الوجه كناية عن المحبة وطلب الرضا وتمام هذا الكلام تقدم في قوله ﴿وَلِلَّهِ المشرق والمغرب فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله﴾ [ البقرة : ١١٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٩٤ ـ ١٩٥﴾
قوله تعالى ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء﴾

فصل


قال الفخر :
اختلفوا في أن الضمير في قوله ﴿حِسَابِهِمْ﴾ وفي قوله ﴿عَلَيْهِمْ﴾ إلى ماذا يعود ؟
والقول الأول : أنه عائد إلى المشركين، والمعنى ما عليك من حساب المشركين من شيء ولا حسابك على المشركين وإنما الله هو الذي يدبر عبيده كما يشاء وأراد.
والغرض من هذا الكلام أن النبي ﷺ يتحمل هذا الاقتراح من هؤلاء الكفار، فلعلّهم يدخلون في الإسلام ويتخلصون من عقاب الكفر، فقال تعالى : لا تكن في قيد أنهم يتقون الكفر أم لا فإن الله تعالى هو الهادي والمدبر.
القول الثاني : أن الضمير عائد إلى الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، وهم الفقراء، وذلك أشبه بالظاهر.


الصفحة التالية
Icon