وروي عن أنس مثل ذلك، وقيل : لم تنزل في قوم بأعيانهم بل هي محمولة على إطلاقها واختاره الإمام.
والمشهور الأول وسياق الآية يرجح ما روي عن ماهان.
﴿ فَقُلْ سلام عَلَيْكُمْ ﴾ أمر منه تعالى لنبيه ﷺ أن يبدأهم بالسلام في محل لا ابتداء به فيه إكراماً لهم بخصوصهم كما روى عن عكرمة واختاره الجبائي، وقيل : أمره سبحانه أن يبلغهم تحيته عز شأنه وروي ذلك عن الحسن وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إن المعنى إقبل عذرهم واعترافهم وبشرهم بالسلامة مما اعتذروا منه.
وعليه لا يكون السلام بمعنى التحية.
وهو أيضاً مبني على سبب النزول عنده رضي الله تعالى عنه، واختار بعضهم أنه بهذا المعنى أيضاً على تقدير أن يراد بالموصول ما روي عن عكرمة فيكون الكلام أمراً له عليه الصلاة والسلام أن يبشرهم بالسلام من كل مكروه بعد إنذار مقابليهم.
وقوله تعالى :﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ أي أوجبها على ذاته المقدسة تفضلاً وإحساناً بالذات لا بتوسط شيء ( ما ) أصلاً وفيه احتمال آخر تقدم تبشير لهم بسعة رحمة الله تعالى.
ولم يعطف على جملة السلام مع أنه محكي بالقول أيضاً قيل لأنها دعائية إنشائية، وقيل : إشارة إلى استقلال كل من مضموني الجملتين وهما السلامة من المكاره ونيل المطالب بالبشارة.
وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم إظهار للطف بهم وإشعار بعلة الحكم.
وتمام الكلام في الآية قد مر عن قريب.
وقوله تعالى :﴿ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءا ﴾ بفتح الهمزة كما قرأ بذلك نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب بدل من ﴿ الرحمة ﴾ كما قال أبو علي الفارسي وغيره.
وقيل : إنه مفعول ﴿ كتاب ﴾ و﴿ الرحمة ﴾ مفعول له، وقيل : إنه على تقدير اللام، وجوز أبو البقاء أن يكون مبتدأ خبره محذوف أي عليه سبحانه أنه الخ ودل على ذلك ما قبله.