ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ﴾
لقد كان طلب الطرد لهؤلاء المستضعفين فيه إهاجة لكرامتهم ولمنزلتهم ولأنهم دون الأثرياء ووجهاء القوم، فيطمئنهم الحق بالسلام منه في الدنيا فيأمر رسوله :﴿ فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ﴾. ونفهم من السلام أنه الخلو من الآفات النفسية والآفات الجسدية، فكأن الحق سبحانه أراد ان يعوضهم بالسلام القادم من الله ﴿ فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ ونرى كلمة :" الرحمة " تتردد كثيراً في القرآن الكريم، فها هوذا الحق يقول في موقع آخر :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَاراً ﴾ [ الإسراء : ٨٢ ].
ما الفارق إذن بين الشفاء والرحمة؟ الرحمة : لا يبتلي الله الإنسان بمرض، إنها الوقاية، أما الشفاء فهو أن يزيل الحق أي مرض أصاب الإنسان. وهذا هو البرء بعد العلاج.
إذن ففي القرآن شفاء ورحمة، أي وقاية وعلاج. والذي يلتزم بمنهج القرآن لا تصيبه الداءات الاجتماعية والنفسية أبداً، والذي تغفل نفسه وتشرد منه يصاب بالداء الاجتماعي والنفسي، فإن عاد إلى منهج القرآن فهو يُشفى من أي داء. وحين يأمر سبحانه رسوله أن يقول لهؤلاء الذين أهيجوا بطلب طردهم على الرغم من إيمانهم برسالة رسول الله :﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ فهذا يعني أن ما حدث لهم في هذا الأمر هو آخر ابتلاءاتهم، وقد أخذوا بهذه الإهاجة سلاما دائما، وما دام الله قد كتب على نفسه الرحمة فكأنه وقاهم مما يصيب به غيرهم.


الصفحة التالية
Icon