وقال أبو عبيد الهروي : يقال : أعطيته فأحسبته، أي أعطيته الكفاية حتى قال : حسبي، وقوله ﴿يرزق من يشاء بغير حساب﴾ [ البقرة : ٢١٢ ] أي بغير تقتير وتضييق، وفي حديث سماك : ما حسبوا ضيفهم، أي ما أكرموه، وقال ابن فارس في المجمل : وأحسبته : أعطيته ما يرضيه، وحسّبته أيضاً، وأحسبني الشيء : كفاني.
ولما نهاه عن طردهم مبيناً أنه ضرر لغير فائدة، سبب عن هذا النهي قوله ﴿فتكون من الظالمين﴾ أي بوضعك الشيء في غير محله، فإن طردك هؤلاء ليس سبباً لإيمان أولئك، وليس هدايتهم إلا إلينا، وقد طلبوا منا فيك لما فتناهم بتخصيصك بالرسالة ما لم يخف عليك من قولهم ﴿لولا أنزل عليه ملك﴾ [ الأنعام : ٨ ] ونحوه مما أرادوا به الصرف عنك، فكما لم تقبلهم فيك فلا تقبلهم أنت في أوليائنا، فإنا فتناهم بك حتى سألوا فيك ما سألوا وتمنوا ما تمنوا. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٤٢ ـ ٦٤٣﴾

فصل


قال الفخر :
روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : مر الملأ من قريش على رسول الله ﷺ وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا : يا محمد أرضيت بهؤلاء عن قومك ؟ أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء ؟ أطردهم عن نفسك، فلعلك إن طردتهم اتبعناك، فقال عليه السلام :" ما أنا بطارد المؤمنين " فقالوا فأقمهم عنا إذا جئنا، فإذا أقمنا فأقعدهم معك إن شئت، فقال "نعم" طمعاً في إيمانهم.


الصفحة التالية
Icon