وروي أن عمر قال له : لو فعلت حتى ننظر إلى ماذا يصيرون، ثم ألحوا وقالوا للرسول عليه السلام : أكتب لنا بذلك كتاباً فدعا بالصحيفة وبعلي ليكتب فنزلت هذه الآية، فرمى الصحيفة، واعتذر عمر عن مقالته، فقال سلمان وخباب : فينا نزلت، فكان رسول الله ﷺ يقعد معنا وندنو منه حتى تمس ركبتنا ركبته، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام، فنزل قوله ﴿واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾ [ الكهف : ٢٨ ] فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه وقال :" الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن اصبر نفسي مع قوم من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٩٣﴾

فصل


قال الفخر :
احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام بهذه الآية من وجوه : الأول : أنه عليه السلام طردهم والله تعالى نهاه عن ذلك الطرد، فكان ذلك الطرد ذنباً.
والثاني : أنه تعالى قال :﴿فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظالمين﴾ وقد ثبت أنه طردهم، فيلزم أن يقال : إنه كان من الظالمين.
والثالث : أنه تعالى حكى عن نوح عليه السلام أنه قال :﴿وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الذين ءامَنُواْ﴾ [ هود : ٢٩ ] ثم إنه تعالى أمر محمداً عليه السلام بمتابعة الأنبياء عليهم السلام في جميع الأعمال الحسنة، حيث قال :﴿أُوْلَئِكَ الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده﴾ [ الأنعام : ٩٠ ] فبهذا الطريق وجب على محمد عليه السلام أن لا يطردهم، فلما طردهم كان ذلك ذنباً.


الصفحة التالية
Icon