قال شهاب الدين : قد تقدَّم أن كونهما اعْتِرَاضاً لا يتوقَّفُ على عَوْدِ الضمير في قوله :" مِنْ حِسَابِهِمْ " و" عليْهِمْ " على المشركين كما هو المفهوم من قوله ها هنا، وإن كان كلامه قبل ذلك كما حكيما عَنْهُ يُشْعِرُ بذلك. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ١٦١ ـ ١٦٨﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) ﴾
هذه وصية له - ﷺ - في باب الفقراء والمستضعفين، وذلك لما قَصَرُوا لسان المعارضة عن استدفاع ما كانوا بصدده من أمر إخلاء الرسول - صلوات الله عليه وسلامه - مجلسه منهم، وسكنوا متضرعين بقلوبهم بين يدي الله أرادَ أنْ يُبَيِّن له أَثرَ حُسْنِ الابتهال فتولَّى - سبحانه - خصيمتهم.
وقال :﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ : لا تنظر يا محمد إلى خِرقتهم على ظاهرهم وانظر إلى حرقتهم في سرائرهم.
ويقال كانوا مستورين بحالتهم فشهرهم بأن أظهر قصتهم، ولولا أنه - سبحانه - قال :﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ فشهد لهم بالإرادة وإلا فمن يتجاسر أن يقول إن شخصاً مخلوقاً يريد الحق سبحانه؟
ويقال إذا كانت الإرادة لا تتعلق - في التحقيق - إلا بالحدوث، وحقيقة الصمدية متقدسة عن الاتصاف بالحدثان، فمن المعلوم أن هذه الإرادة ليست بمعنى المشيئة، ولا كاشتقاق أهل اللغة لها.
فيقال تكلم الناس في الإرادة : وأكثر تحقيقها أنها احتياج يحصل في القلوب يسلب القرار من العبد حتى يصل إلى الله ؛ فصاحب الإرادة لا يهدأ ليلاً ولا نهاراً، ولا يجد من دون وصوله إليه - سبحانه - سكوناً ولا قراراً، كما قال قائلهم :