واحتج النافون لذلك بوجوه ردها الثاني في "المحتبر"، وذكر الأول في "مسلك السداد" ما يعلم منه ردها، وهذا بحث قد فرغ منه وطوي بساطه، وقال غير واحد : هي لام العاقبة، ونقل عن "شرح المقاصد" ما يأتي ذلك وهو أن لام العاقبة إنما تكون فيما لا يكون للفاعل شعور بالترتب وقت الفعل أو قبله فيفعل لغرض ولا يحصل له ذلك بل ضده فيجعل كأنه فعل الفعل لذلك الغرض الفاسد تنبيهاً على خطئه ولا يتصور هذا في كلام علام الغيوب بالنظر إلى أفعاله وإن وقع فيه بالنظر إلى فعل غيره سبحانه كقوله عز وجل :﴿ فالتقطه ءالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٨ ] إذ ترتب فوائد أفعاله تعالى عليها مبنية على العلم التام، نعم إن ابن هشام وكثيراً من النحاة لم يعتبروا هذا القيد، وقالوا : إنها لام تدل على الصيرورة والمآل مطلقاً فيجوز أن تقع في كلامه تعالى حينئذ على وجه لا فساد فيه، ومن الناس من قال : إنها للتعليل مقابلاً به احتمال العاقبة على أن ﴿ فَتَنَّا ﴾ متضمن معنى خذلنا أو على أن الفتن مراد به الخذلان من إطلاق المسبب على السبب.
واعترض بأن التعليل هنا ليس بمعناه الحقيقي بناء على أن أفعاله تعالى منزهة عن العلل فيكون مجازاً عن مجرد الترتب وهو في الحقيقة معنى لام العاقبة فلا وجه للمقابلة.