وأجيب بأنهما مختلفان بالاعتبار فإن اعتبر تشبيه الترتب بالتعليل كانت لام تعليل وإن لم يعتبر كانت لام عاقبة، واعترض بأن العاقبة أيضاً استعارة فلا يتم هذا الفرق إلا على القول بأنه معنى حقيقي وعلى خلافه يحتاج إلى فرق آخر، وقد يقال في الفرق إن في التعليل المقابل للعاقبة سببية واقتضاء وفي العاقبة مجرد ترتب وإفضاء وفي التعليل الحقيقي يعتبر البعث على الفعل وهذا هو مراد من قال : إن أفعال الله تعالى لا تعلل، وحينئذ يصح أن يقال : إن اللام على تقدير تضمين ﴿ فَتَنَّا ﴾ معنى خذلنا أو أن الفتن مراد به الخذلان للتعليل مجازاً لأن هناك تسبباً واقتضاء فقط من دون بعث، وعلى تقدير عدم القول بالتضمين وإبقاء اللفظ على المتبادر منه هي لام العاقبة وهو تعليل مجازي أيضاً لكن ليس فيه إلا التأدي فإن ابتلاء بعضهم ببعض مؤد للحسد وهو مؤد إلى القول المذكور وليس هناك تسبب ولا بعث أصلاً.
والحاصل أن كلاً من العاقبة والتعليل المقابل لها مجاز عن التعليل الحقيقي إلا أن التعليل المقابل أقرب إليه من العاقبة ومنشأ الأقربية هو الفارق، والبحث بعد محتاج إلى تأمل وإذا فتح لك فاشكر الله سبحانه.
﴿ أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين ﴾ رد لقولهم ذلك وإشارة إلى أن مدار استحقاق ذلك الإنعام معرفة شأن النعمة والاعتراف بحق المنعم.
والاستفهام للتقرير بعلمه البالغ بذلك، والباء الأولى سيف خطيب والثانية متعلقة باعلم ويكفي أفعل العمل في مثله.


الصفحة التالية
Icon