فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) ﴾
أجرى الله تعالى الحكمة بأن أكثر أتباع الرسول ضعفاء الناس، ولذلك " لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن نبينا ﷺ : أأشرف الناس يتبعونه، أم ضعفاؤهم؟ فقال : بل ضعفاؤهم. قال : هم أتباع الرسل ".
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه تعالى أشار إلى أن من حكمة ذلك فتنة بعض الناس ببعض، فإن أهل المكانة والشرف والجاه يقولون : لو كان في هذا الدين خير لما سبقنا إليه هؤلاء، لأنا أحق منهم بكل خير كما قال هنا :﴿ وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ليقولوا أهؤلاء مَنَّ الله عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ ﴾ الآية إنكاراً منهم أن يمن الله على هؤلاء الضعفاء دونهم، زعماً منهم أنهم أحق بالخير منهم، وقد رد الله قولهم هنا بقوله :﴿ أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ ﴾.
وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله تعالى :﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ ﴾ [ الأحقاف : ١١ ] الآية، وقوله :﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات بَل لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٥٥-٥٦ ]، إلى غير ذلك من الآيات. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ﴾