ويدل على اختصاص خصوص الحكم التشريعي به تعالى قوله :( إن الحكم إلا لله أمر الا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ) ( يوسف : ٤٠ ) فالحكم لله سبحانه لا يشاركه فيه غيره على ظاهر ما يدل عليه ما مر من الآيات غير انه تعالى ربما ينسب الحكم وخاصة التشريعي منه في كلامه إلى غيره كقوله تعالى :( يحكم به ذوا عدل منكم ) ( المائدة : ٩٥ ) وقوله لداود عليه السلام :( إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) ( ص : ٢٦ ) وقوله للنبى صلى الله عليه وآ له :( إن احكم بينهم بما أنزل الله ) ( المائدة : ٤٩ ) وقوله :( فاحكم بينهم بما أنزل الله ) ( المائدة : ٤٨ ) وقوله :( يحكم بها النبيون ) ( المائدة : ٤٤ ) إلى غير ذلك من الآيات وضمها إلى القبيل الأول يفيد أن الحكم الحق لله سبحانه بالاصالة واولا لا يستقل به احد غيره، ويوجد لغيره بإذنه وثانيا، ولذلك عد تعالى نفسه احكم الحاكمين وخيرهم لما انه لازم الاصالة والاستقلال والاولية فقال :( ا ليس الله بأحكم الحاكمين ) ( التين : ٨ ) وقال ( وهو خير الحاكمين ) ( الاعراف : ٨٧ ).
والآيات المشتملة على نسبة الحكم إلى غيره تعالى بإذن ونحوه - كما ترى - تختص بالحكم الوضعي الاعتباري، وأما الحكم التكويني فلا يوجد فيها - على ما اذكر - ما يدل على نسبته إلى غيره وإن كانت معاني عامة الصفات والافعال المنسوبة إليه تعالى لا تأبى عن الانتساب إلى غيره نوعا من الانتساب بإذنه ونحوه كالعلم والقدرة والحياة والخلق والرزق والاحياء والمشية وغير ذلك في آيات كثيرة لا حاجة إلى إيرادها.


الصفحة التالية
Icon