وقال أبو السعود :
﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب ﴾ بيانٌ لاختصاص المقدوراتِ الغيبية به تعالى من حيثُ العلمُ إثرَ بيانِ اختصاصِ كلِّها به تعالى من حيثُ القدرةُ، والمفاتحُ إما جمعُ مفتَح بفتح الميم وهو المخزَن فهو مستعارٌ لمكان الغيب كأنها مخازِنُ خُزِنت فيها الأمورُ الغيبيةُ يُغلق عليها ويُفْتَح، وإما جمعُ مفتِح بكسرها، وهو المفتاح، ويؤيده قراءةُ مَنْ قرأ ( مفاتيحُ الغيب ) فهو مستعارٌ لما يُتوصَّلُ به إلى تلك الأمورِ بناءً على الاستعارة الأولى، أي عنده تعالى خاصةُ خزائنِ غُيوبِه أو يُتوصَّلُ به إليها، وقولُه عز وجل :﴿ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ﴾ تأكيدٌ لمضمونِ ما قبله، وإيذانٌ بأن المرادَ هو الاختصاصُ من حيث العلمُ لا من حيث القدرةُ، والمعنى أن ما تستعجلونه من العذاب ليس مقدوراً لي حتى أُلزِمَكم بتعجيله، ولا معلوماً لديّ لأُخبرَكم وقتَ نزولِه، بل هو مما يَختصُّ به تعالى قدرةً وعلماً فيُزلُه حسبما تقتضيه مشيئتُه المبنيةُ على الحِكَم والمصالِح. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾