وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه أعلى قهراً، فلذلك قال :﴿ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾.
والثاني : أن الأقدر إذا استحق صفة المبالغة عبَّر عنه بمثل هذه العبارة، فقيل : هو فوقه في القدرة أي أقدر، وفوقه في العلم أي أعلم.
﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه جوارحهم التي تشهد عليهم بما كانوا يعملون.
والثاني : الملائكة. ويحتمل ﴿ حَفَظَةً ﴾ وجهين :
أحدهما : حفظ النفوس من الآفات.
والثاني : حفظ الأعمال من خير وشر، ليكون العلم بإتيانها أزجر عن الشر، وأبعث على الخير. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
﴿ القاهر ﴾ إن أخذ صفة فعل أي مظهر القهر بالصواعق والرياح والعذاب فيصح أن يجعل ﴿ فوق ﴾ ظرفية للجهة لأن هذه الأشياء إنما تعاهدها العباد من فوقهم، وإن أخذ ﴿ القاهر ﴾ صفة ذات بمعنى القدرة والاستيلاء ف ﴿ فوق ﴾ لا يجوز أن تكون للجهة، وإنما هي لعلو القدر والشأن على حد ما تقول : الياقوت فوق الحديد، ﴿ ويرسل عليكم ﴾ معناه يبثهم فيكم، و﴿ حفظة ﴾ جمع حافظ مثل كاتب وكتبة، والمراد بذلك الملائكة الموكلون بكتب الأعمال، وروي أنهم الملائكة الذين قال فيهم النبي عليه السلام " تتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " وقاله السدي وقتادة، وقال بعض المفسرين ﴿ حفظة ﴾ يحفظون الإنسان من كل شيء حتى يأتي أجله، والأول أظهر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ يعني فوقية المكانة والرتبة لا فوقية المكان والجهة، على ما تقدّم بيانه أوّل السورة.
﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ﴾ أي من الملائكة.


الصفحة التالية
Icon