ولما بين وصفهم وقت الدعاء، بين قولهم إذ ذاك فقال :﴿لئن أنجانا من هذه﴾ فأكدوا وخصوا وبينوا غاية البيان ﴿لنكونن من الشاكرين﴾ أي العريقين في الشكر ؛ ولما كانوا مقرين بأن فاعل ذلك هو الله، ولكنهم يكفرون نعمته، عدوا منكرين فأمره بالجواب غير منتظر لجوابهم بقوله :﴿قل الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿ينجيكم منها﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٠﴾
وقال الفخر :
اعلم أن هذا نوع آخر من الدلائل الدالة على كمال القدرة الإلهية، وكمال الرحمة والفضل والإحسان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٨﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ﴾ بالتشديد في الكلمتين، والباقون بالتخفيف.
قال الواحدي : والتشديد والتخفيف لغتان منقولتان من نجا، فإن شئت نقلت بالهمزة، وإن شئت نقلت بتضعيف العين : مثل : أفرحته وفرحته، وأغرمته وغرمته، وفي القرآن ﴿فأنجيناه والذين مَعَهُ﴾ [ الأعراف : ٧٢ ] وفي آية أخرى ﴿وَنَجَّيْنَا الذين ءامَنُواْ﴾ [ فصلت : ١٨ ] ولما جاء التنزيل باللغتين معاً ظهر استواء القراءتين في الحسن، غير أن الاختيار التشديد، لأن ذلك من الله كان غير مرة، وأيضاً قرأ عاصم في رواية أبي بكر خفية بكسر الخاء والباقون بالضم، وهما لغتان، وعلى هذا الاختلاف في سورة الأعراف، وعن الأخفش في خفية وخفية أنهما لغتان، وأيضاً الخفية من الإخفاء، والخيفة من الرهب، وأيضاً ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ من هذه.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿لَّئِنْ أنجانا﴾ على المغايبة، والباقون ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ على الخطاب، فأما الأولون : وهم الذين قرؤا على المغايبة، فقد اختلفوا.


الصفحة التالية
Icon