فصل


قال الفخر :
ثم بين تعالى أنه ينجيهم من تلك المخاوف، ومن سائر موجبات الخوف والكرب.
ثم إن ذلك الإنسان يقدم على الشرك، ونظير هذه الآية قوله :﴿ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ﴾ وقوله ﴿وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ﴾ وبالجملة فعادة أكثر الخلق ذلك.
إذا شاهدوا الأمر الهائل أخصلوا، وإذا انتقلوا إلى الأمن والرفاهية أشركوا به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٩﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون ﴾ الضمير في ﴿ منها ﴾ عائد على ما أشير إليه بقوله ﴿ من هذه ﴾ ومن كل معطوف على الضمير المجرور أعيد معه الخافض وأمره تعالى بالمسابقة إلى الجواب ليكون هو ﷺ أسبق إلى الخير وإلى الاعتراف بالحق ثم ذكر أنه تعالى ينجي من هذه الشدائد التي حضرتهم ومن كل كرب فعم بعد التخصيص ثم ذكر قبيح ما يأتون بعد ذلك وبعد إقرارهم بالدعاء والتضرع ووعدهم إياه بالشكر من إشراكهم معه في العبادة.
قال ابن عطية : وعطف ب ﴿ ثم ﴾ للمهلة التي تبين قبح فعلهم أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققه أنتم تشركون ؛ انتهى.
وقيل : معنى ﴿ تشركون ﴾ تعودون إلى ما كنتم عليه من الإشراك وعبادة الأصنام ولا يخفى ما في هذه الجملة الإسمية من التقبيح عليهم إذ ووجهوا بقوله :﴿ ثم أنتم ﴾ كقوله :﴿ ثم أنتم ﴾ هؤلاء بعد قوله ﴿ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ﴾ وإذا كان الخبر ﴿ تشركون ﴾ بصيغة المضارع المشعر بالاستمرار والتجدد في المستقبل كما كانوا عليه فيما مضى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon