وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ قل الله ينجيكم ﴾ الآية : سبق في المجادلة إلى الجواب، إذ لا محيد عنه، ﴿ ومن كل كرب ﴾ لفظ عام أيضاً ليتضح العموم الذي في الظمات، ويصح أن يتأول من قوله ﴿ ومن كل كرب ﴾ تخصيص الظلمات قبل، ونص عليها لهولها، وعطف في هذا الموضع ب ﴿ ثم ﴾ للمهلة التي تبين قبح فعلهم، أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققكم به أنتم تشركون. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ﴾ وقرأ الكوفيون "يُنَجِّيكُمْ" بالتشديد، الباقون بالتخفيف.
قيل : معناهما واحد مثل نجا وأنجيته ونجّيته.
وقيل : التشديد للتكثير.
والكرب : الغم يأخذ بالنفس ؛ يقال منه : رجل مكروب.
قال عنترة :
ومكروبٍ كشفتُ الكرب عنه...
بطعنةِ فَيْصَلٍ لما دعانِي
والكُرْبة مشتقة من ذلك.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ تقريع وتوبيخ ؛ مثل قوله في أوّل السورة ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ﴾.
لأن الحجة إذا قامت بعد المعرفة وجب الإخلاص، وهم قد جعلوا بدلاً منه وهو الإشراك ؛ فحسُن أن يُقرَّعوا ويُوَبَّخُوا على هذه الجهة وإن كانوا مشركين قبل النجاة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ قُلِ الله يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ ﴾ أُمر ﷺ بتقرير الجواب مع كونه من وظائفهم للإيذان بأنه متعيِّنٌ عندهم، ولبناءِ قولِه تعالى :﴿ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ عليه، أي الله تعالى وحده ينجيكم مما تدعونه إلى كشفه من الشدائد المذكورةِ وغيرِها من الغموم والكُرَبِ ثم أنتم بعد ما تشاهدون هذه النعمَ الجليلةَ تشركون بعبادته تعالى غيره. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon