قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذه كلها أمثلة لا أنها هي المقصود، إذ هذه وغيرها من القحوط والغرق وغير ذلك داخل في عموم اللفظ و﴿ يلبسكم ﴾ على قراءة الستة معناه يخلطكم شيعاً فرقاً بتشيع بعضها لبعض، واللبس الخلط، وقال المفسرون هو افتراق الأهواء والقتال بين الأمة، وقرأ أبو عبد الله المدني " يُلبسكم " بضم الياء من ألبس فهوعلى هذه استعارة من اللباس، فالمعنى أو يلبسكم الفتنة شيعاً و﴿ شيعاً ﴾ منصوب على الحال وقد قال الشاعر [ النابغة الجعدي ] :[ المتقارب ]
لبِسْت أُناساً فأفْنَيْتهم... فهذه عبارة عن الخلطة والمقاساة، والبأس القتل وما أشبهه من المكاره، ﴿ ويذيق ﴾ استعارة إذ هي من أجل حواس الاختبار، وهي استعارة مستعملة في كثير من كلام العرب وفي القرآن، وقرأ الأعمش " ونذيق " بنون الجماعة، وهي نون العظمة في جهة الله عز وجل، وتقول أذقت فلاناً العلقم تريد كراهية شيء صنعته به ونحو هذا، وفي قوله تعالى ﴿ انظر كيف نصرف ﴾ الآية، استرجاع لهم وإن كان لفظها لفظ تعجيب للنبي ﷺ فمضمنها أن هذه الآيات والدلائل إنما هي لاستصرافهم عن طريق غيهم، و" الفقه " الفهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ﴾ أي القادر على إنجائكم من الكرب، قادر على تعذيبكم.
ومعنى ﴿ مِّن فَوْقِكُمْ ﴾ الرجم بالحجارة والطوفان والصيحة والريح ؛ كما فعل بعادٍ وثمودَ وقومِ شعيبٍ وقومِ لوطٍ وقومِ نوحٍ ؛ عن مجاهد وابن جُبير وغيرِهما.
﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ الخسْف والرّجفة ؛ كما فعل بقارون وأصحاب مَدْين.
وقيل :"من فوقكم" يعني الأمراء الظلمة، "ومن تحت أرجلكم" يعني السّفِلة وعَبيد السّوء ؛ عن ابن عباس ومجاهد أيضاً.


الصفحة التالية
Icon