وقال الآلوسى :
﴿ وَمَا عَلَى الذين يَتَّقُونَ ﴾
قال أبو جعفر عليه الرحمة : لما نزلت ﴿ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذكرى ﴾ [ الأنعام : ٦٨ ] الخ قال المسلمون لئن كنا نقوم كلما استهزأ المشركون بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت فنزلت، أي وما يلزم الذين يتقون قبائح أعمال الخائضين وأحوالهم.
﴿ مِنْ حِسَابِهِم ﴾ أي مما يحاسب الخائضون الظالمون عليه من الجرائر ﴿ مِن شَىْء ﴾ أي شيء ما على أن ( من ) زائدة للاستغراق و﴿ شَىْء ﴾ في محل الرفع مبتدأ و( ما ) تميمية أو اسم لها وهي حجازية و﴿ مِنْ حِسَابِهِم ﴾ كما قال أبو البقاء حال منه لأن نعت النكرة إذا قدم عليها أعرب حالاً.
وليست ﴿ مِنْ ﴾ بمعنى الأجل خلافاً لمن تكلفه.
و﴿ عَلَى الذين يَتَّقُونَ ﴾ متعلق بمحذوف مرفوع وقع خبراً للمبتدأ أو لما الحجازية على رأي من لا يجيز إعمالها في الخبر المقدم مطلقاً أو منصوب وقع خبراً لما على رأي من يجوز إعمالها في الخبر المقدم عند كونه ظرفاً أو حرف جر.
﴿ ولكن ذكرى ﴾ استدراك من النفي السابق أي ولكن عليهم أن يذكروهم ويمنعوهم عما هم فيه من القبائح بما أمكن من العظة والتذكير ويظهروا لهم الكراهة والنكير، ومحل ﴿ ذِكْرِى ﴾ عند كثير من المحققين إما النصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المحذوف أي عليهم أن يذكروهم تذكيراً أو الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف أي ولكن عليهم ذكرى، وجوز أبو البقاء النصب والرفع أيضاً لكن قدر في الأول نذكرهم ذكرى بنون العظمة، وفي الثاني هذه ذكرى، وإلى ذلك يشير كلام البلخي، ولم يجوز الزمخشري عطفه على محل ﴿ مِن شَىْء ﴾ لأن من حسابهم يأباه إذ يصير المعنى : ولكن ذكرى من حسابهم وهو كما ترى.