واعترض بأنه لا يلزم من العطف على مقيد اعتبار ذلك القيد في المعطوف، والعلامة الثاني يقول : إنه إذا عطف مفرد على مفرد لا سيما بحرف الاستدراك فالقيود المعتبرة في المعطوف عليه السابقة في الذكر عليه معتبرة في المعطوف ألبتة بحكم الاستعمال تقول : ما جاءني يوم الجمعة أو في الدار أو راكباً أو من هؤلاء القوم رجل ولكن امرأة فيلزم مجيء المرأة في يوم الجمعة وفي الدار وبصفة الركوب وتكون من القوم ألبتة ولم يجيء الاستعمال بخلافه ولا يفهم من الكلام سواه بخلاف ما جاءني رجل من العرب ولكن امرأة فإنه لا يبعد كون المرأة من غير العرب، قالوا : والسر فيه أن تقدم القيود يدل على أنها أمر مسلم مفروغ عنه وأنها قيد للعامل منسحب على جميع معمولاته وأن هذه القاعدة مخصوصة بالمفرد لذلك، وأما في الجمل فالقيد إن جعل جزأ من المعطوف عليه وإن سبق لم يشاركه فيه المعطوف كما في قوله تعالى :﴿ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [ يونس : ٤٩ ] على ما في "شرح المفتاح"، وهذا إذا لم تقم القرينة على خلافه كما في قولك : جاءني من تميم رجل وامرأة من قريش.
وتخصيص هذه القاعدة بتقدم القيد وادعاء اطرادها كما ذكره بعض المحققين مما يقتضيه الذوق، ومنهم من عمها كما قال الحلبي : إن أهل اللسان والأصوليين يقولون : إن العطف للتشريك في الظاهر فإذا كان في المعطوف عليه قيد فالظاهر تقييد المعطوف بذلك القيد إلا أن تجيء قرينة صارفة فيحال الأمر عليها فإذا قلت : ضربت زيداً يوم الجمعة وعمراً فالظاهر اشتراك زيد وعمرو في الضرب مقيداً بيوم الجمعة.
وإذا قلت : وعمراً يوم السبت لم يشاركه في قيده والآية من القبيل الأول فالظاهر مشاركته في قيده ويكفي في المنع وبحث فيه السفاقسي وغيره فتدبر.


الصفحة التالية
Icon