ولما كان ربما أفهم ذلك تركهم في كل حالة، نفاه بقوله :﴿وذكر به﴾ أي تحديث الآيات، وهي القرآن المتجدد إنزاله، والضمير في الحقيقة للآيات، أي دعهم يفعلوا ما أرادوا، لا تبال بشيء من ذلك، ولا تترك وعظّهم بهذا القرآن، أي ما عليك إلا البلاغ، لم نكلفك في هذه الحالة أكثر منه ﴿أن تبسل﴾ قال في المجمل : البسل : النخل، وأبسلته : أسلمته للهلكة، فالمعنى : كراهة أن تخلي وتسلم ﴿نفس بما﴾ أي بسبب ما ﴿كسبت﴾ في دنياها كائنة ﴿ليس لها من دون الله﴾ أي المنفرد بالعظمة ﴿ولي﴾ أي يتولى نصرها ﴿ولا شفيع﴾ ينقذها بشفاعته.
ولما كان الفداء من اسباب الخلاص قال :﴿وإن تعدل﴾ أي تلك النفس لأجل التوصل إلى الفكاك ﴿كل عدل﴾ أي كل شيء يظن أنه يعدلها ولو كان أنفس شيء ؛ " ولما " كان الضار عدم الأخذ، لا كونه من معين، بني للمفعول قوله :﴿لا يؤخذ منها﴾ ولما أنتج ذلك قطعاً أن من هذا حاله هالك، قال :﴿أولئك﴾ أي الذين عملوا هذه الأعمال البعيدة عن الخير ﴿الذين أبسلوا﴾ أي أسلموا ﴿بما كسبوا﴾ ثم استأنف قوله :﴿لهم شراب من حميم﴾ أي هو غاية الحر يصهر به ما في بطونهم بما اعتقدوا في الآيات ما ظهر على ألسنتهم ﴿وعذاب أليم﴾ أي يعم دائماً ظواهرهم وبواطنهم بما ظهر عليهم من ذلك بعد ما بطن ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿كانوا يكفرون﴾ أي يجددون من تغطية الآيات. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٣ ـ ٦٥٤﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا وَذَكّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أولئك الذين أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُواْ لَهُمُ شَرَابٌ مِنْ حَميمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِمَا كانواْ يَكفُرُونَ ﴾


الصفحة التالية
Icon