وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لهؤلاء الكفار ﴿ هُوَ القادر ﴾ لا غيره سبحانه ﴿ على أَن يَبْعَثَ ﴾ أي يرسل ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ متعلق بيبعث.
وتقديمه على المفعول الصريح وهو قوله سبحانه :﴿ عَذَاباً ﴾ للاعتناء به والمسارعة إلى بيان كون المبعوث مما يضرهم ولتهويل أمر المؤخر، والكلام استئناف مسوق لبيان أنه تعالى هو القادر على إلقائهم في المهالك إثر بيان أنه سبحانه هو المنجى لهم منها، وفيه وعيد ضمني بالعذاب لإشراكهم المذكور، والتنوين للتفخيم أي عذاباً عظيماً.
﴿ مّن فَوْقِكُمْ ﴾ أي من جهة العلو كالصيحة والحجارة والريح وإرسال السماء ﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ أي من جهة السفل كالرجفة والخسف والإغراق، وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : من فوقكم أي من قبل أمرائكم وأشرافكم ومن تحت أرجلكم أي من قبل سفلتكم وعبيدكم.
وفي رواية أخرى عنه تفسير الأول بأئمة السوء والثاني بخدم السوء والمتبادر ما قدمنا وهو المروي عن غير واحد من المفسرين.
والجار والمجرور متعلق بيبعث أيضاً، ويجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف وقع صفة لعذاب.
و( أو ) لمنع الخلو دون الجمع فلا منع لما كان من الجهتين معاً كما فعل بقوم نوح عليه الصلاة والسلام.
﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ ﴾ أي يخلط أمركم عليكم ففي الكلام مقدر، وخلط أمرهم عليهم بجعلهم مختلفي الأهواء، وقيل : المراد اختلاط الناس في القتال بعضهم ببعض فلا تقدير، وعليه قول السلمي
: وكتيبة لبستها بكتيبة...
حتى إذا التبست نفضت لها يدي
وقرىء ﴿ يَلْبِسَكُمْ ﴾ بضم الياء وهو عطف على ﴿ يَبْعَثَ ﴾ وقوله تعالى :﴿ شِيَعاً ﴾ جمع شيعة كسدرة وسدر وهم كل قوم اجتمعوا على أمر نصب على الحال، وقيل : إنه مصدر منصوب بيلبسكم من غير لفظه، وجوز على هذا أن يكون حالاً أيضاً أي مختلفين.
وقوله سبحانه :﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ عطف على ﴿ يَبْعَثَ ﴾ كما نقل عن السمين، ويفهم من كلام البعض أنه عطف على يلبس وهو من قبيل عطف التفسير أو من عطف المسبب على السبب.
وقرىء ﴿ نذيق ﴾ بنون العظمة على طريق الالتفات لتهويل الأمر والمبالغة في التحذير.


الصفحة التالية
Icon