﴿ قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾.
استئناف ابتدائي عُقّب به ذكرُ النعمة التي في قوله :﴿ قل من يُنجّيكم ﴾ بذكر القدرة على الانتقام، تخويفاً للمشركين.
وإعادة فعل الأمر بالقول مثل إعادته في نظائره للاهتمام المبيَّن عند قوله تعالى :﴿ قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة ﴾ [ الأنعام : ٤٠ ].
والمعنى قل للمشركين، فالمخاطب بضمائر الخطاب هم المشركون.
والمقصود من الكلام ليس الإعلام بقدرة الله تعالى فإنَّها معلومة، ولكن المقصود التهديد بتذكيرهم بأنّ القادر من شأنه أن يُخاف بأسُه فالخبر مستعمل في التعريض مجازاً مرسلاً مركّباً، أو كناية تركيبية.
وهذا تهديد لهم، لقولهم ﴿ لولا أنزل عليه آية من ربِّه ﴾ [ يونس : ٢٠ ].
وتعريف المسند والمسند إليه أفاد القصر، فأفاد اختصاصه تعالى بالقدرة على بعث العذاب عليهم وأنّ غيره لا يقدر على ذلك فلا ينبغي لهم أن يخشوا الأصنام، ولو أرادوا الخير لأنفسهم لخافوا الله تعالى وأفردوه بالعبادة لمرضاته، فالقصر المستفاد إضافي.
والتعريف في ﴿ القادر ﴾ تعريف الجنس، إذ لا يقدر غيره تعالى على مثل هذا العذاب.
والعذاب الذي من فوق مثل الصواعق والريح، والذي من تحت الأرجل مثل الزلازل والخسف والطوفان.
و﴿ يلبسكم ﴾ مُضارع لَبَسَه بالتحريك أي خلطه، وتعدية فعل ﴿ يلبسكم ﴾ إلى ضمير الأشخاص بتقدير اختلاط أمرهم واضطرابه ومَرجه، أي اضطراب شؤونهم، فإنّ استقامة الأمور تشبه انتظام السلك ولذلك سمَّيت استقامة أمور الناس نظاماً.
وبعكس ذلك اختلال الأمور والفوضى تشبه اختلاط الأشياء، ولذلك سمّي مَرَجاً ولَبْساً.