ولما كان التقدير : فقد أمرنا أن نلزمه ونترك كل ما عداه، عطف عليه أمراً عاماً فقال :﴿وأمرنا لنسلم﴾ أي ورد علينا الأمر ممن لا أمر لغيره بكل ما يرضيه لأن نسلم بأن نوقع الإسلام وهو الانقياد التام فنتخلى عن كل هوى، وأن نقيم الصلاة بأن نوقعها بجميع حدودها الظاهرة والباطنة فنتحلى بفعلها أشرف حلى ﴿لرب العالمين﴾ أي لإحسانه إلى كل أحد بكل شيء خلقه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٤ ـ ٦٥٥﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن المقصود من هذه الآية الرد على عبدة الأصنام وهي مؤكدة لقوله تعالى قبل ذلك :﴿قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله﴾ فقال :﴿قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله﴾ أي أنعبد من دون الله النافع الضار ما لا يقدر على نفعنا ولا على ضرنا، ونرد على أعقابنا راجعين إلى الشرك بعد أن أنقدنا الله منه وهدانا للإسلام ؟ ويقال لكل من أعرض عن الحق إلى الباطل أنه رجع إلى خلف، ورجع على عقبيه ورجع القهقرى، والسبب فيه أن الأصل في الإنسان هو الجهل، ثم إذا ترقى وتكامل حصل له العلم.
قال تعالى :﴿والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة﴾ [ النحل : ٧٨ ] فإذا رجع من العلم إلى الجهل مرة أخرى فكأنه رجع إلى أول مرة، فلهذا السبب يقال : فلان رد على عقبيه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٢٤ ـ ٢٥﴾


الصفحة التالية
Icon