وأجاب عنه الطيبي بأن الحال مؤكدة كقوله سبحانه :﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ [ التوبة : ٢٥ ] فلا يلزم ذلك، ولا يخفى أنه في حيز المنع.
والاستهواء استفعال من هوى في الأرض يهوي إذا ذهب كما هو المعروف في اللغة كأنها طلبت هويه وحرصت عليه أي كالذي ذهبت به مردة الجن في المهامه والقفار.
والكلام من المركب العقلي أو من التمثيل حيث شبه فيه من خلص من الشرك ثم نكص على عقبيه بحال من ذهبت به الشياطين في المهمه وأضلته بعد ما كان على الجادة المستقيمة.
وليس هذا مبنياً على زعمات العرب كما زعم من استهوته الشياطين.
وادعى بعضهم أن استهوى من هوى بمعنى سقط يقال : هوى يهوي هوياً بفتح الهاء إذا سقط من أعلى إلى أسفل.
والمقصود "تشبيه حال هذا الضال بحال من سقط من الموضع العالي إلى الوهدة السافلة العميقة لأنه في غاية الاضطراب والضعف والدهشة.
ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ مَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السماء ﴾ [ الحج : ٣١ ] وفيه بعد وإن قال الإمام : إنه أولى من المعنى الأول" مع أنه يتوقف على ورود الاستفعال من هوى بهذى المعنى، وجوز أبو البقاء في "الذي" أن يكون مفرداً أي كالرجل أو كالفريق الذي وأن يكون جنساً. والمراد الذين.
قرأ حمزة ﴿ استهواه ﴾ بألف ممالة مع التذكير.
﴿ ضَلَلْنَا فِى الأرض ﴾ أي جنسها.
والجار متعلق باستهوته أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله أي كائناً في الأرض.
وكذا قوله سبحانه :﴿ حَيْرَانَ ﴾ حال منه أيضاً على أنها بدل من الأولى أو حال ثانية عند من يجيزها أو من "الذي" أو من المستكن في الظرف.


الصفحة التالية
Icon