ولما كان هذا بياناً عظيماً، أشار إلى عظمه بقوله :﴿انظر﴾ وعظمه تعظيماً آخر بالاستفهام فقال ﴿كيف نصرف الآيات﴾ أي أي نكررها موجهة في جميع الوجوه البديعة النافعة البليغة ﴿لعلهم يفقهون﴾ أي ليكون حالهم حال من يرجى فهمه وانتفاعه به، كان هذا. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٠ ـ ٦٥١﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن هذا نوع آخر من دلائل التوحيد وهو ممزوج بنوع من التخويف فبين كونه تعالى قادراً على إيصال العذاب إليهم من هذه الطرق المختلفة، وأما إرسال العذاب عليهم تارة من فوقهم، وتارة من تحت أرجلهم ففيه قولان : الأول : حمل اللفظ على حقيقته فنقول : العذاب النازل عليهم من فوق مثل المطر النازل عليهم من فوق، كما في قصة نوح والصاعقة النازلة عليهم من فوق.
وكذا الصيحة النازلة عليهم من فوق.
كما حصب قوم لوط، وكما رمى أصحاب الفيل، وأما العذاب الذي ظهر من تحت أرجلهم.
فمثل الرجفة، ومثل خسف قارون.
وقيل : هو حبس المطر والنبات وبالجملة فهذه الآية تتناول جميع أنواع العذاب التي يمكن نزولها من فوق، وظهورها من أسفل.
القول الثاني : أن يحمل هذا اللفظ على مجازه.
قال ابن عباس : في رواية عن عكرمة عذاباً من فوقكم أي من الأمراء، ومن تحت أرجلكم من العبيد والسفلة.
أما قوله :﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ فاعلم أن الشيع جمع الشيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة والجمع شيع وأشياع.
قال تعالى :﴿كَمَا فُعِلَ بأشياعهم مّن قَبْلُ﴾ [ سبأ : ٥٤ ] وأصله من الشيع وهو التبع، ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً.


الصفحة التالية