و( ما ) موصولة اسمية حذف عائدها، والضمير المجرور لله تعالى أي لا أخاف الذي تشركونه به سبحانه، وجوز أن يكون عائداً إلى الموصول والباء سببية أي : الذي تشركون بسببه، وأن تكون نكرة موصوفة وأن تكون مصدرية.
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبّى شَيْئاً ﴾ بتقدير الوقت عند غير واحد مستثنى من أعم الأوقات استثناء مفرغاً.
وقال بعضهم : إن المصدر منصوب على الظرفية من غير تقدير وقت، ومنع ذلك ابن الأنباري مفرقاً بين المصدر الصريح فيجوز نصبه على الظرفية وغير الصريح فلا يجوز فيه ذلك.
وابن جني لا يفرق بين الصريح وغيره ويجوز ذلك فيهما على السواء، والاستثناء متصل في رأي.
و﴿ شَيْئاً ﴾ مفعول به أو مفعول مطلق أي لا أخاف ما تشركون به في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئته تعالى شيئاً من إصابة مكروه لي من جهتها أو شيئاً من مشيئته تعالى إصابة مكروه لي من جهتها وذلك إنما هو من جهته تعالى من غير دخل لآلهتكم في إيجاده وإحداثه.
وجوز بعضهم أن يكون الاستثناء منقطعاً على معنى ولكن أخاف أن يشاء ربي خوفي ما أشركتم به، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام إشارة إلى أن مشيئته تلك إن وقعت غير خالية عن مصلحة تعود إليه بالتربية أو إظهار منه عليه الصلاة والسلام لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى واستسلام لأمره واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته تعالى.
﴿ وَسِعَ رَبّى كُلَّ شَىْء عِلْماً ﴾ كأنه تعليل للاستثناء أي أحاط بكل شيء علماً فلا يبعد أن يكون في علمه سبحانه إنزال المكروه بي من جهتها بسبب من الأسباب، ونصب ﴿ عِلْمًا ﴾ على التمييز المحول عن الفاعل، وجوز أن يكون نصباً على المصدرية لوسع من غير لفظه، وفي الإظهار في موضع الإضمار تأكيد للمعنى المذكور واستلذاذ بذكره تعالى.


الصفحة التالية
Icon