إن إبراهيم عليه السلام حاجهم في الله وهو قوله :﴿لا أُحِبُّ الآفلين﴾ والقوم أيضاً حاجوه في الله، وهو قوله تعالى خبراً عنهم :﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونّى فِى الله﴾ فحصل لنا من هذه الآية أن المحاجة في الله تارة تكون موجبة للمدح العظيم والثناء البالغ، وهي المحاجة التي ذكرها إبراهيم عليه السلام، وذلك المدح والثناء هو قوله تعالى :﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ءاتيناها إبراهيم على قَوْمِهِ﴾ وتارة تكون موجبة للذم وهو قوله :﴿قَالَ أَتُحَاجُّونّى فِى الله﴾ ولا فرق بين هذين البابين إلا أن المحاجة في تقرير الدين الحق توجب أعظم أنواع المدح والثناء، والمحاجة في تقرير الدين الباطل توجب أعظم أنواع الذم والزجر.
وإذا ثبت هذا الأصل صار هذا قانوناً معتبراً، فكل موضع جاء في القرآن والأخبار يدل على تهجين أمر المحاجة والمناظرة فهو محمول على تقرير الدين الباطل، وكل موضع جاء يدل على مدحه فهو محمول على تقرير الدين الحق والمذهب الصدق. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٩﴾