فصل
قال الفخر :
هذه الآية من أدل الدلائل على فساد قول الحشوية في الطعن في النظر وتقرير الحجة وذكر الدليل.
لأنه تعالى أثبت لإبراهيم عليه السلام حصول الرفعة والفوز بالدرجات العالية، لأجل أنه ذكر الحجة في التوحيد وقررها وذب عنها وذلك يدل على أنه لا مرتبة بعد النبوة والرسالة أعلى وأشرف من هذه المرتبة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٥١﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿درجات﴾ بالتنوين من غير إضافة والباقون بالإضافة، فالقراءة الأولى معناها : نرفع من نشاء درجات كثيرة، فيكون "من" في موضع النصب.
قال ابن مقسم : هذه القراءة أدل على تفضيل بعضهم على بعض في المنزلة والرفعة.
وقال أبو عمرو : الإضافة تدل على الدرجة الواحدة وعلى الدرجات الكثيرة والتنوين لا يدل إلا على الدرجات الكثيرة.
واختلفوا في تلك الدرجات.
قيل : درجات أعماله في الآخرة، وقيل : تلك الحجج درجات رفيعة، لأنها توجب الثواب العظيم.
وقيل : نرفع من نشاء في الدنيا بالنبوة والحكمة، وفي الآخرة بالجنة والثواب.
وقيل : نرفع درجات من نشاء بالعلم.
واعلم أن هذه الآية من أدل الدلائل على أن كمال السعادة في الصفات الروحانية وفي البعد عن الصفات الجسمانية.
والدليل عليه : أنه تعالى قال :﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ءاتيناها إبراهيم على قَوْمِهِ ﴾.
ثم قال بعده :﴿نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء﴾ وذلك يدل على أن الموجب لحصول هذه الرفعة هو إيتاء تلك الحجة، وهذا يقتضي أن وقوف النفس على حقيقة تلك الحجة وإطلاعها على إشراقها اقتضت ارتفاع الروح من حضيض العالم الجسماني، إلى أعالي العالم الروحاني، وذلك يدل على أنه لا رفعة ولا سعادة إلا في الروحانيات. والله أعلم.
قوله تعالى ﴿حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
المعنى أنه إنما يرفع درجات من يشاء بمقتضى الحكمة والعلم، لا بموجب الشهوة والمجازفة.
فإن أفعال الله منزهة عن العبث والفساد والباطل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٥١﴾. بتصرف يسير.