﴿ دَاوُودَ وسليمان ﴾ منصوبان بمُضمرٍ مفهومٍ مما سبق وكذا ما عُطف عليهما، وبه يتعلق ( من ذريته ) وتقديمه على المفعول الصريح للاهتمام بشأنه مع ما في المفاعيلِ من نَوْع طولٍ ربما يُخلُّ تأخيرُه بتجاوب النظم الكريم، أي وهدينا من ذريته داودَ وسليمان ﴿ وَأَيُّوبَ ﴾ هو ابنُ أموصَ من أسباطِ عيصِ بنِ إسحاقَ ﴿ وَيُوسُفَ وموسى وهارون ﴾ أو بمحذوفٍ وقع حالاً من المذكورين أي وهديناهم حال كونهم من ذريته ﴿ وكذلك ﴾ إشارةٌ إلى ما يُفهم من النظم الكريم من جزاءِ إبراهيمَ عليه السلام، ومحلُّ الكاف النصبُ على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، وأصلُ التقدير ﴿ نَجْزِى المحسنين ﴾ جزاءً مثلَ ذلك الجزاءِ، والتقديمُ للقصر، وقد مر تحقيقُه مراراً، والمرادُ بالمحسنين الجنسُ، وبمماثلة جزائِهم لجزائه عليه السلام مطلقُ المشابهةِ في مقابلةِ الإحسانِ بالإحسان والمكافأةِ بين الأعمال والأجْزِية من غير بخسٍ لا المماثلةُ من كل وجه، ضرورةَ أن الجزاءَ بكثرةِ الأولاد الأنبياءِ مما اختص به إبراهيمُ عليه السلام، والأقربُ أن لامَ المحسنين للعهد، وذلك إشارةٌ إلى مصدر الفعل الذي بعده، وهو عبارةٌ عما أوتيَ المذكورون من فنُون الكرامات، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو طبقتِه، والكافُ لتأكيد ما أفاده اسمُ الإشارة من الفخامة، ومحلُّها في الأصل النصبُ على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ وأصل التقدير ونجزي المحسنين المذكورين جزاء كائناً مثل ذلك الجزاء فقدم الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مُقحَمةٌ للنكتة المذكورة، فصارَ المشارُ إليه نفسَ المصدر المؤكد لا نعتاً له، أي وذلك الجزاءَ البديعَ نجزي المحسنين المذكورين لا جزاءً آخرَ أدنى منه، والإظهارُ في موضع الإضمارِ للثناء عليهم بالإحسان الذي هو عبارةٌ عن الإتيان بالأعمال الحسنة على الوجه اللائق الذي هو حُسْنُها الوصفيُّ المقارِنُ لحُسنها الذاتي، وقد فسَّره عليه الصلاة والسلام
بقوله :" أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكنْ تراه فإنه يراك " والجملة اعتراضٌ مقرِّرٌ لما قبلها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾