قلنا : القوم كما يخفون الآيات الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فكذلك يخفون الآيات المشتملة على الأحكام، ألا ترى أنهم حاولوا على إخفاء الآية المشتملة على رجم الزاني المحصن. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٦٤ ـ ٦٥﴾
وقال القرطبى :
﴿ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ ﴾ أي في قراطيس ﴿ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً ﴾ هذا لليهود الذين أخفَوْا صفة النبيّ ﷺ وغيرها من الأحكام.
وقال مجاهد : قوله تعالى "قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى" خطاب للمشركين، وقوله :"يجعلونه قراطيس" لليهود. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَعُلّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما وصف التوراة بهذه الصفات الثلاث، قال :﴿قُلِ الله﴾ والمعنى أنه تعالى قال في أول الآية :﴿قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب﴾ الذي صفته كذا وكذا فقال بعده :﴿قُلِ الله﴾ والمعنى أن العقل السليم والطبع المستقيم يشهد بأن الكتاب الموصوف بالصفات المذكورة المؤيد قول صاحبه بالمعجزات القاهرة الباهرة مثل معجزات موسى عليه السلام لا يكون إلا من الله تعالى، فلما صار هذا المعنى ظاهراً بسبب ظهور الحجة القاطعة، لا جرم قال تعالى لمحمد قل المنزل لهذا الكتاب هو الله تعالى، ونظيره قوله :﴿قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله﴾ وأيضاً أن الرجل الذي حاول إقامة الدلالة على وجود الصانع يقول من الذي أحدث الحياة بعد عدمها، ومن الذي أحدث العقل بعد الجهالة، ومن الذي أودع في الحدقة القوة الباصرة، وفي الصماخ القوة السامعة، ثم إن ذلك القائل نفسه يقول ﴿الله﴾ والمقصود أنه بلغت هذه الدلالة والبينة إلى حيث يجب على كل عاقل أن يعترف بها فسواء أقر الخصم به أو لم يقر فالمقصود حاصل فكذا ههنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٦٥﴾