أخبرنا أبو بكر بن حبيب بسنده عن أحمد بن أبي الحواري قال دخلت على أبي سليمان وهو يبكي فقلت له ما يبكيك فقال لي يا أحمد ولم لا أبكي وإذا جن الليل ونامت العيون وخلا كل حبيب بحبيبه وافترش أهل المحبة أقدامهم وجرت دموعهم على خدودهم وقطرت في محاريبهم أشرف الجليل سبحانه وتعالى فنادى جبريل بعيني من تلذذ بكلامي فلم لا تنادي فيهم ما هذا البكاء هل رأيتم حبيبا يعذب أحبابه أم كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جنهم الليل تملقوني فبي حلفت إذا وردوا علي في القيامة لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلى وأنظر إليهم وقال أحمد بن أبي الحواري أيضا سمعت أبا سليمان يقول بينا أنا ساجد ذهب بي النوم فإذا أنا بحوراء قد ركضتني برجلها وقالت حبيبي أترقد والملك يقظان ينظر في المتهجدين في تهجدهم بؤسا لعين آثرت لذة نومة على لذة مناجاة العزيز قم فقد دنا الفراغ ولقي المحبون بعضهم بعضا فما هذا الرقاد حبيبي وقرة عيني أترقد عيناك وأنا أربي لك في الخدور فوثبت فزعا وقد عرقت استحياء من توبيخها إياي وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي وكان أبو بكر رضي الله عنه لقصر أمله يوتر أول الليل وعمر لتأميل الخدمة يؤخره إلى آخر الليل وعثمان يتهجد في آناء الليل وعلي يستغفر في أواخر الليل قام القوم على أقدام ( قم الليل ) فبان في القوم سر ( وتقلبك في الساجدين ) لولا قيام تلك الأقدام ما كان يؤدي حق هل من سائل يا غافلين عما نالوا لقد ملتم عن التقى وما مالوا قاموا في غفلات الراقدين فقوبلوا بجزاء لم يطلع عليه الغير غيرة لهم