ما أطيب أملهم في المناجاة ما أقربهم من طريق النجاة ما أقل ما تعبوا وما أيسر ما نصبوا وما كان إلا القليل ثم نالوا ما طلبوا لو ذاق الغافل شراب أنسهم في الظلام أو سمع الجاهل صوت حنينهم في القيام وقد نصبوا لما انتصبوا له الأقدام وترنموا بأشرف الذكر وأحلى الكلام وضربوا على شواطى ء أنهار الصدق الخيام وركزوا على باب اليقين بالحق الأعلام وزموا مطايا الشوق إلى دار السلام وسارت جنود حبهم والناس في الغفلة نيام وشكوا في الأسحار ما يلقون من وقع الغرام ووجدوا من لذة الليل ما لا يخطر على الأوهام وإذا أسفر النهار تلقوه بالصيام وصابروا الهواجر بهجر الشراب وترك الطعام وتدرعوا دروع التقى خوفا من الزلل والآثام فنورهم يخجل شمس الضحى ويزري بدر التمام فلأجلهم تنبت الأرض ومن جراهم يجري الغمام وبهم يسامح الخطاؤون ويصفح عن أهل الإجرام فإذا نازلهم الموت طاب لهم كأس الحمام وإذا دفنوا في الأرض فخرت بحفظها تلك العظام فعلى الدنيا إذا ماتوا من بعدهم السلام ( تتجافى جنوبهم
عن لذيد المضاجع
( كلهم بين خائف
مستجير وطامع
( تركوا لذة الكرى
للعيون الهواجع
( ورعوا أنجم الدجى
طالعا بعد طالع
( واستهلت دموعهم
بانصباب المدامع
( فأجيبوا إجابة
لم تقع في المسامع
( ليس ما تصنعونه
أو ليأتي بضائع
( تاجروني بطاعتي
تربحوا في البضائع
وابذلوا لي نفوسكم
إنها في ودائعي
لو رأيت رياح الأسحار تحرك أشجار القلوب فتقع ثمار المحبة يا لذة خلوتهم بالحبيب يا وفور نصيبهم من ذلك النصيب ( هبت رياح وصالهم سحرا
لحدائق الأشواق في قلبي
( واهتز عود الوصل من طرب
وتساقطت ثمر من الحب
( ومضت خيول الهجر سادرة
مطرودة بعساكر القرب
( وبدت شموس الوصل خارقة
بشعاعها لسرادق الحجب
( وصفا لنا وقت أضاء به
وجه الرضا عن ظلمة العتب
( وبقيت ما شيء أشاهده
إلا ظننت بأنه حبي
السجع على قوله تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع