وقال ابن عطية :
قوله عز وجل :﴿ ولو ترى إذ الظالمون ﴾ الآية، جواب ﴿ لو ﴾ محذوف تقديره لرأيت عجباً أو هولاً ونحو هذا وحذف هذا الجواب أبلغ من نصه لأن السامع إذا لم ينص له الجواب يترك مع غاية تخيله و﴿ الظالمون ﴾ لفظ عام لمن واقع ما تقدم ذكره وغير ذلك من أنواع الظلم الذي هو كفر و" الغمرات " جمع غمرة وهي المصيبة المبهمة المذهلة، وهي مشبهة بغمرة الماء، ومنه قول الشاعر [ بشر بن أبي خازم ] :[ الوافر ]
وَلاَ يُنْجِي مِنَ الغَمَرَاتِ إلاّ... بَراكاءُ القِتَالِ أوِ الْفرَارُ
﴿ والملائكة ﴾ ملائكة قبض الروح، و﴿ باسطو أيديهم ﴾ كناية عن مدها بالمكروه كما قال تعالى حكاية عن ابني آدم :﴿ لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ﴾ [ المائدة : ٢٨ ].
وهذا المكروه هو لا محالة أوائل عذاب وأماراته، قال ابن عباس : يضربون وجوههم وأدبارهم، وأما البسط لمجرد قبض النفس فإنه يشترك فيه الصالحون والكفرة، وقيل إن المراد بسط الأيدي في جهنم، والغمرات كذلك لكنهم لا يقضى عليهم فيموتوا، وقوله ﴿ أخرجوا أنفسكم ﴾ حكاية لما تقولة الملائكة، والتقدير يقولون أخرجوا أنفسكم، ويحتمل قول الملائكة ذلك أن يريدوا فأخرجوا أنفسكم من هذه المصائب والمحن وخلصوها إن كان ما زعمتموه حقاً في الدنيا، وفي ذلك توبيخ وتوقيف على سالف فعلهم القبيح، قال الحسن : هذا التوبيخ على هذا الوجه هو في جهنم، ويحتمل أن يكون ذلك على معنى الزجر والإهانة كما يقول الرجل لمن يقهره بنفسه على أمر ما أفعل كذا، لذلك الأمر الذي هو يتناوله بنفسه منه على جهة الإهانة وإدخال الرعب عليه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون فِي غَمَرَاتِ الموت ﴾ أي شدائده وسكراته.
والغَمْرة الشدّة ؛ وأصلها الشيء الذي يغمُر الأشياء فيُغطّيها.
ومنه غَمَرَه الماء.
ثم وُضعت في معنى الشدائد والمكاره.
ومنه غَمَرات الحرب.