وقال أبو حيان :
﴿ ولتنذر أم القرى ومن حولها ﴾ ﴿ أم القرى ﴾ مكة وسميت بذلك لأنها منشأ الدين ودحو الأرض منها ولأنها وسط الأرض ولكونها قبلة وموضع الحج ومكان أول بيت وضع للناس، والمعنى :﴿ ولتنذر ﴾ أهل ﴿ أم القرى ومن حولها ﴾ وهم سائر أهل الأرض قاله ابن عباس، وقيل : العرب وقد استدل بقوله :﴿ أم القرى ومن حولها ﴾ طائفة من اليهود زعموا أنه رسول إلى العرب فقط، قالوا :﴿ ومن حولها ﴾ هي القرى المحيطة بها وهي جزيرة العرب، وأجيب بأن ﴿ ومن حولها ﴾ عام في جميع الأرض ولو فرضنا الخصوص لم يكن في ذكر جزيرة العرب دليل على انتفاء الحكم عن ما سواها إلا بالمفهوم وهو ضعيف، وحذف أهل الدلالة المعنى عليه لأن الأبنية لا تنذر كقوله :﴿ واسأل القرية ﴾ لأن القرية لا تسأل ولم تحذف من فيعطف ﴿ حولها ﴾ على ﴿ أم القرى ﴾ وإن كان من حيث المعنى كان يصح لأن حول ظرف لا يتصرف فلو عطف على أم القرى لزم أن يكون مفعولاً به لعطفه على المفعول به وذلك لا يجوز لأن في استعماله مفعولاً به خروجاً عن الظرفية وذلك لا يجوز فيه لأنه كما قلنا لم تستعمله العرب إلاّ لازم الظرفية غير متصرف فيه بغيرها، وقرأ أبو بكر لينذر أي القرآن بمواعظه وأوامره، وقرأ الجمهور ﴿ ولتنذر ﴾ خطاباً للرسول والمعنى ﴿ ولتنذر ﴾ به أنزلناه فاللام تتعلق بمتأخر محذوف دل عليه ما قبله، وقال الزمخشري :﴿ ولتنذر ﴾ معطوف على ما دل عليه صفة الكتاب كأنه قيل : أنزلنا للبركات وتصديق ما تقدمه من الكتب والإنذار. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon