وقال الآلوسى :
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا ﴾ للحساب ﴿ فرادى ﴾ أي منفردين عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم أو عن الأموال والأولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن عكرمة قال : النضر بن الحرث سوف تشفع لي اللات والعزى فنزلت، والجملة على ما ذهب إليه بعض المحققين مستأنفة من كلامه تعالى ولا ينافي قوله تعالى :﴿ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ﴾ [ البقرة : ١٧٤ ] لأن المراد نفي تكليمهم بما ينفعهم أو لأنه كناية عن الغضب، وقيل : معطوفة على قول ﴿ الملائكة أَخْرِجُواْ ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ] الخ وهي من جملة كلامهم وفيه بعد وإن ظنه الإمام أولى وأقوى.
ونصب ﴿ فرادى ﴾ على الحال من ضمير الفاعل وهو جمع فرد على خلاف القياس كأنه جمع فردان كسكران على ما في "الصحاح"، والألف للتأنيث ككسالى، والراء في فرده مفتوحة عند صاحب "الدر المصون" وحكى بصيغة التمريض سكونها، ونقل عن الراغب "أنه جمع فريد كأسير وأسارى"، وفي "القاموس" "يقال : جاءوا فُرَاداً وفِرَاداً وفُرَادَى وفُرَادَ وفَرَادَ وفَرْدَى كسَكْرَى أي واحداً بعد واحد والوَاحِدُ فَرْدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد وفَرْدَان ولا يجوز فَرْدٌ في هذا المعنى"، ولعل هذا بعيد الإرادة في الآية.
وقرىء ﴿ فراداً ﴾ كرخال المضموم الراء وفراد كآحاد ورباع في كونه صفة معدولة، ولا يرد أن مجيء هذا الوزن المعدول مخصوص بالعدد بل ببعض كلماته لما نص عليه الفراء وغيره من عدم الاختصاص، نعم هو شائع فيما ذكر.
وفردى كسكرى تأنيث فردان والتأنيث لجمع ذي الحال.


الصفحة التالية
Icon