﴿ جِئْتُمُونَا كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ بدل من ﴿ فرادى ﴾ بدل كل لأن المراد المشابهة في الانفراد المذكور، والكاف اسم بمعنى مثل أي مثل الهيئة، التي ولدتم عليها في الانفراد ويجوز أن يكون حالاً ثانية على رأي من يجوز تعدّد الحال من غير عطف وهو الصحيح أو حالاً من الضمير في ﴿ فرادى ﴾ فهي حال مترادفة أو متداخلة والتشبيه أيضاً في الانفراد، ويحتمل أن يكون باعتبار ابتداء الخلقة أي مشبهين ابتداء خلقكم بمعنى شبيهة حالكم حال ابتداء خلقكم حفاة عراة غرلاً بهما، وجوز أن يكون صفة مصدر ﴿ جِئْتُمُونَا ﴾ أي مجيئاً كخلقنا لكم.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قرأت هذه الآية فقالت :" يا رسول الله واسوأتاه إن النساء والرجال سيحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض فقال رسول الله ﷺ :﴿ لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾ [ عبس : ٣٧ ] لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال شغل بعضهم عن بعض ".
﴿ وَتَرَكْتُمْ مَّا خولناكم ﴾ أي ما أعطيناكم في الدنيا من المال والخدم وهو متضمن للتوبيخ أي فشغلتم به عن الآخرة ﴿ وَرَاء ظُهُورِكُمْ ﴾ ما قدمتم منه شيئاً لأنفكسم.
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن قال : يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذخ فيقول له تبارك وتعالى : أين ما جمعت؟ فيقول : يا رب جمعته وتركته أوفر ما كان فيقول : أين ما قدمت لنفسك؟ فلا يراه قدم شيئاً وتلا هذه الآية، والجملة قيل مستأنفة أو حال بتقدير قد.
﴿ وَمَا نرى ﴾ أي نبصر وهو على ما نص عليه أبو البقاء حكاية حال وبه يتعلق قوله تعالى :﴿ مَّعَكُمْ ﴾ وليس حالاً من مفعول ﴿ نُرِى ﴾ أعني قوله سبحانه :﴿ شُفَعَاءكُمُ ﴾ ولا مفعولاً ثانياً، والرؤية علمية.