لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله سبحانه :"والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون " لم يقرأ هنا بغير هذا اللفظ وكذا فى المعارج وفى سورة المؤمنون فى قراءة الجماعة إلا الشيخين "على صلواتهم " بالجمع فللسائل أن يسأل عن وجه ذلك ؟
والجواب عنه والله أعلم : أن ذلك مناسب لما اكتنف هذا الوصف فى آية سورة المؤمنون لما كان ذكر محافظتهم على صلاتهم قد اكتنفه ما تقدمه وما تأخر عنه من تفخيم الوصف فى المتقدم وتفخيم الجزاء فى المتأخر ناسب ذلك تفخيم العبارة عن فعلهم فورد بلفظ الجمع فى قراءة الأكثرين فقيل :"والذين هم على صلواتهم " أما تفخيم الوصف المتقدم فذكرهم بالفلاح وهو الظفر بالمراد والبقاء فى الخير وذكرهم بالخشوع فى صلاتهم وإعراضهم عن اللغو ولم يقع متقدم وصفهم فى سورة المعارج ما يوازن هذه الأوصاف.
وأما آية الأنعام فلم يتقدم فيها غير ذكرهم بالإيمان فقط وأما نعتهم الوارد فى جزائهم فوصفهم بأنهم الوارثون ثم تخصيصهم بأنهم الوارثون ثم تخصيصهم بإرث الفردوس وهو أعلى الجنة ومنه تنفجر أنهار الجنة، ووصفهم بالخلود فيها، ولا يوازن هذا بقوله عقب آية المعارج :"أولئك فى جنات مكرمون ".
وأما آية الأنعام فلم يرد فيها ذكر جزائهم بالجمع كما فى آية سورة المؤمنون وإن لم يقرأ بذلك فى الأخريين وظهرت مناسبة ذلك والله أعلم. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ١٦٣ ـ ١٦٤﴾


الصفحة التالية
Icon