قوله تعالى ﴿وَهُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾
قال الفخر :
المراد أن الإيمان بالآخرة كما يحمل الرجل على الإيمان بالنبوة، فكذلك يحمله على المحافظة على الصلوات، وليس لقائل أن يقول : الإيمان بالآخرة يحمل على كل الطاعات، فما الفائدة في تخصيص الصلاة بالذكر ؟ لأنا نقول : المقصود منه التنبيه على أن الصلاة أشرف العبادات بعد الإيمان بالله وأعظمها خطراً، ألا ترى أنه لم يقع اسم الإيمان على شيء من العبادات الظاهرة إلا على الصلاة كما قال تعالى :﴿وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] أي صلاتكم، ولم يقع اسم الكفر على شيء من المعاصي إلا على ترك الصلاة.
قال عليه الصلاة والسلام :" من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر " فلما اختصت الصلاة بهذا النوع من التشريف، لا جرم خصها الله بالذكر في هذا المقام. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٦٨﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهم على صلاتهم يحافظون ﴾ خص الصلاة لأنها عماد الدين ومن حافظ عليها كان محافظاً على أخواتها ومعنى المحافظة المواظبة على أدائها في أوقاتها على أحسن ما توقع عليه والصلاة أشرف العبادات بعد الإيمان بالله ولذلك لم يوقع اسم الإيمان على شيء من العبادات إلا عليها قال تعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ أي صلاتكم ولم يقع الكفر على شيء من المعاصي إلا على تركها.
روي :" من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر " وقرأ الجمهور ﴿ على صلاتهم ﴾ بالتوحيد والمراد به الجنس وروى خلف عن يحيى عن أبي بكر صلواتهم بالجمع ذكر ذلك أبو علي الحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي في كتاب الروضة من تأليفه وقال تفرد بذلك عن جميع الناس. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَهُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ تخصيصُ محافظتِهم على الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات التي لا بد للمؤمنين من أدائها للإيذان بإنافتِها من بين سائر الطاعات وكونِها أشرفَ العباداتِ بعد الإيمان. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon